صفى الدين دياب يكتب : نظام عالمى جديد بلا “فيتو”
لم اتوقع ان يعيد التاريخ نفسه مرة اخرى وبتلك السرعه، فما اشبه اليوم بالبارحه ـ خلال شهرى فبراير ومارس ٢٠٠٣ كرست الولايات المتحدة جهدها داخل اروقة الامم المتحدة للحصول على قرار من مجلس الامن يقنن شرعية النوايا الامريكية لغزو العراق ، لكنها اصدمت بالاتحاد الروسى والصين ، وأضطرت الى تشكيل تحالف دولى والهجوم على العراق.
آنذاك كان الامين العام للأمم المتحدة كوفى عنان يرفض بشده خوض حرب ضد العراق دون قرار اممى ، أبدت معظم بلدان العالم رفضها، حتى الفئران ابت ان تسكن بيوتها ليخرج فأر يصول ويجول فى قاعة مجلس الامن فى شكل ’’ ثائر يرفض الظلم ’’ أثناء تقديم كولن باول وزير الخارجية الأمريكي في مجلس الأمن التابع عرض مسرحي هزيل جينما كان يرفع أنبوبة صغيرة يدعي انها تحتوي على الجمرة الخبيثة القاتلة إلى جانب عرض صور الأقمار الصناعية لمصانع اسلحة الدمار الشامل المزعومة والتسجيلات الصوتية المسجلة بهدف دعم ادعاءات امريكا بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل .. وهنا خرج الفأر متجولا داخل القاعه التى ضجت بضحكات مندوبى الدول الاعضاء الرافضه لغزو العراق.
بعد دخول القوات الامريكية العراق جمعنى بالامين العام كوفى عنان لقاء خلال احتفالات بعثة مصر بالامم المتحدة بذكرى ثورة يوليو ، تبادلنا خلاله اطراف الحديث وما ينبغى ان يكون، وسألته هل توافق على تاسيس منظمة اممية جديده ، فابتسم ونحن نتقاسم قطع من ،، الفلافل مع طبق بصاره،، دعانا اليه سفير مصر الاسبق بالامم المتحدة والامين العام الحالى للجامعة العربية احمد ابو الغيط . ورد عنان قائلا – فكره جيده. لكنها ستحارب بكل قوه.
مضت السنوات ليصطدم العالم بالصلف الاسرائيلى الذى قوض كل الاعراف والقرارات الدولية من خلال هجومه المستمر على الشعب الفلسطينى الذى مازال يعانى الضنى منذ عام ١٩٤٨ حتى الان ، فى صراع راح ضحيته مئات الالاف فى سلسلة حروب لا تتوقف ، تخللها قرارات متتالية من الجمعية العامه للامم المتحدة ومجالس الامن وحقوق الانسان والاقتصادى والاجتماعى بالامم المتحدة الى ان وصل الامر الى محكمة العدل والجنائية الدوليتين، لكن كل مايصدر من قرارات ضد اسرائيل يظل قابعا داخل الادراج لا يرى النور بسبب الانحياز الامريكى لإسرائيل .
باتت كل المؤشرات تؤكد تورط واشنطن كطرف اصيل فى صراعات الشرق وانها المستفيد الاكبر من استمرار الصراع، وان كل التلويحات بعملية سلام تؤدى الى اعتراف بالدولية الفلسطينية ، قد باءت بالفشل، فمنذ عام ١٩٤٩ حينما صدر القرار ١٩٤ الذى اقر الحق الفلسطيني وكانت الولايات المتحدة احدى الدول التى تبنت القرار ومرورا بمؤتمرات اوسلو ومدريد ومفاوضات القاهره ووادى عربه ومعبر اريتز وواشنطن الى اخر القائمة وكنت قد شهدتها جميعا ، الا ان واشنطن مازالت تغض البصر عن حق الفلسطينيين فى الحياة، مع استمرار دعمها المطلق لاسرائيل عسكريا وتقنيا وسياسيا.
كشفت السنوات الثلاثة الماضية عورات النظام العالمى الحالى ومدى حاجة الامم المتحدة الى تجديد شبابها بما يتناسب مع تعقيدات حالة السلم والامن الدوليين ، ومن هنا بدا لى ان حل القضية الفلسطينية او الاوكرانية بات مستحيلا من خلال النظام العالمى الحالى طالما ان احد اطراف الصراع يمتلك السلاح وحق النقض فى مجلس الامن فهو يستطيع ان يعصف بارادة الاسرة الدولية كاملة ويطيح بمطالبها من النافذه ، وهو الامر الذى دعانى الى اطلاق دعوه على شاشة النيل للاخبار فى نوفمبر ٢٠٢٣ لتأسيس نظام عالمى جديد خال من الفيتو عن طريق تغيير طريقة عمل مجلس الامن فيما يخص صون السلم والامن الدوليين على مسارين هما
- ضرورة اعلان نظام عالمى جديد خال من الفيتو
- تشكيل قوة اممية جديده تعمل بالتوازى مع قوات حفظ السلام ، وتكون مهمتها ‘‘ فرض السلام ” PEACE TASK FORCE ” فى شكل جيش اممى منظم يضم ٣ الاف مقاتل من كل دوله من الدول الاعضاء. على ان يقوم هذا الجيش بردع اى عضو يخرق حالة السلم والامن الدوليين.
ملفات الشرق الاوسط او كمايحلو لى بان اسميها الوجبه الدسمه للاسرة الدولية، دائما ما تجد الفيتو فى انتظارها سواء جاء من لندن او من واشنطن ، حتى الامناء العموم للامم المتحدة عادة ما يصطدمون باراة واشنطن وتل ابيب، فالامين العام الاسبق بطرس غالى اطيح به لأنه تجرأ وسمح باذاعة مقطع فيديو لاعتداء اسرائيل على قوات حفظ السلام فى قانا ، وتلاه كوفى عنان الافريقى الذى اعترض على غزو العراق وطالب بالإسراع باعلان قيام الدولة الفلسطينيه فنال سيل من الاتهامات والفضائح والحملات الاعلامية ، اما الامين العام الحالى انطونيو جوتيرش ذلك الاوربى العادل والذى طالب بسرعة وقف اطلاق النار وتضامن مع اللاجئين وثار لقتل عمال الاغاثه فنهروه وانهالو عليه نقدا وتجريحا.
#صفى الدين دياب– كاتب صحفى واعلامى مصر متخصص فى شؤون الامم المتحدة والعلاقات الدولية
عضو نقابة الصحفيين المصريه 86 – حتى الان
- اول من ادخل الصحافة العربية عالم النشر الالكترونى نوفمبر ١٩٩٥
- أشرف على اصدار اصدار الطبعة الدولية للجمهورية بامريكا ١٩٩٧، وشارك فى اصدار مجلة البوابه الناطقه بالانجليزية بالولايات المتحدة الأمريكية ٢٠١٨
- صاحب فكرة اضافة ٨ اعضاء للبرلمان المصرى من مصريين الخارج عبر لجنة الخمسين.
- أجرى سلسة من الاحاديث مع الشخصيات العالمية بطرس غالى ٩٥ – كوفى عنان ٢٠٠١ – بان كى مون ٢٠٠٧ – سيرجى لافروف وزير خارجية روسيا – عمرو موسى – البابا شنوده – احمد ماهر – ابو الغيط – نبيل فهمى – سامح شكرى – بدر عبد العاطى – جون نيجروبنتى حاكم العراق الأسبق , اخرين من وزراء خارجية افريقيا والدول العربية والعالم وسفرائهم.
- أول من توصل الى بث الفيديو والرسائل الاخبارية عبر الانترنيت ١٨ سبتمبر ٢٠٠١